يُعد العصر الحالي عصر الثورة التكنولوجية بامتياز، إذ تُسهم التقنيات المتطورة بشكل فعال في تشكيل ملامح المستقبل في مختلف المجالات، وفي ظل التطورات التكنولوجية المتسارعة التي يشهدها العالم، يبرز الذكاء الاصطناعي (AI) ومعالجة اللغة الطبيعية (NLP) محرّكَيْن رئيسيَّين للابتكار في مجالات عدة، خاصة مجال التعليم. ويعمل الباحثون اليوم على توجه جديد يُعيد تشكيل منهجيات التعليم، إذ تُناقَش مسألة استخدام الروبوتات البشرية المزودة بكل من تقنيات الذكاء الاصطناعي ومعالجة اللغة الطبيعية، من أجل تسهيل عملية التعليم، وخاصة تعلُّم اللغة الثانية من خلال حوارات تفاعلية فاعلة ومخصصة بين المتعلمين والروبوتات البشرية. 
ويُمكن القول: إن استخدام هذه الروبوتات في التعليم يُعد ثورة بحد ذاته، فعن طريق توظيف نظريات تربوية مثل «منطقة التطور القريبة» لعالِم النفس السوفييتي ليف فيجوتسكي و«نظرية التعلم البنائية»، تُقدّم هذه التكنولوجيا بيئة تعليمية تفاعلية تُمكِّن الطلاب من تجاوز حدودهم التعليمية الحالية بمساعدة «الآخرين»، الذين تمثّلهم في هذه الحالة، الروبوتات. 
وما من شك في أن تطبيق الذكاء الاصطناعي في تعليم اللغات يُعد تحدياً وفرصة في آن واحد، فهو تحدٍّ لأنه يستلزم تغلُّباً على العقبات التقنية والأخلاقية المرتبطة بخصوصية البيانات والتحيز في الذكاء الاصطناعي، وهو كذلك فرصة لأنه يفتح آفاقاً جديدة للتعليم الشخصي والتفاعلي بما يتجاوز الحدود التقليدية للفصول الدراسية. 
إن النتائج الأولية التي تُشير إلى تحسن ملحوظ في اكتساب المفردات والنطق ومهارات المحادثة لدى المتعلمين الذين تفاعلوا مع الروبوتات تُبرز الإمكانيات الكبيرة لهذه التقنية في تعزيز بيئة التعلم، لذا يُمكن النظر إلى الروبوتات المدعومة بالذكاء الاصطناعي ومعالجة اللغة الطبيعية بأنها أدوات تعليمية مستقبلية قادرة على توفير تجربة تعلُّم غنية ومُحفزة، ولكن يجب التعامل معها بحذر لضمان عدم إهمال الجوانب الأخلاقية والاجتماعية. 
كما يجب عدم إغفال توجيه الاهتمام نحو تطوير الروبوتات بطريقة تتوافق مع الاحتياجات اللغوية والثقافية المتنوعة للمتعلمين. ويُمكن تحقيق ذلك بوساطة العمل المتعدد التخصصات الذي يُركّز على تحسين خوارزميات الذكاء الاصطناعي، وإدراج أنظمة التغذية الراجعة المتعددة الوسائط، ما يسهم في تعزيز التجربة التعليمية، وضمان تحقيق نتائج تعلم مستدامة وفعالة في مختلف السيناريوهات التعليمية. 
ويُطرح التساؤل حول كيفية دمج هذه التكنولوجيا في النظم التعليمية بشكل يُحقق التوازن بين الابتكار والأخلاقيات. وتكمن الإجابة هنا في أن الدمج الفعال للروبوتات يتطلب تطوير برامج تعليمية تأخذ في الحسبان التحديات الأخلاقية والمجتمعية، مثل الوصول العادل ومعالجة الفجوة الرقمية. 
وهذه التقنيات تقدم رؤية واعدة لمستقبل تعلم اللغات، وتُعدّ خطوة مهمة نحو فهم الإمكانيات الكاملة للذكاء الاصطناعي واستغلالها، حيث تُعد الروبوتات المزودة بهذه التقنيات إضافة محتملة وواعدة لبيئات التعلم التفاعلية، إذ يجري استكشاف استخدامها تدريجياً لتعزيز الفاعلية التعليمية. كما يُبرز هذا التوجه أهمية التعاون بين التكنولوجيا والبيداغوجيا في تحقيق تجارب تعليمية مُحسَّنة تُلبي احتياجات وتطلعات الطلاب في عصر المعلومات. 

مُعلمة مادة التصميم الإبداعي والابتكار- مؤسسة الإمارات للتعليم المدرسي